عنى الغلول في الإسلام :
الغلول في اللغة مأخوذ من غلل إذا تخلل الشيء ، كأن الغال تخلل المال الذي أخذه بغير وجه حق بين ثيابه يخفيه .
جاء في معجم مقاييس اللغة " تخلّل شيء وثباته، كالشّيء يغرز، من ذلك قول العرب: غللت الشّيء في الشّيء إذا أثبتّه فيه كأنّك غرزته، ومن الباب الغلول في المغنم، وهو أن يخفى الشّيء فلا يردّ إلى القسم، كأنّ صاحبه قد غلّه بين ثيابه».
والغلول في الاصطلاح العام يطلق على الخيانة مطلقا ، وهو في الغنيمة أشهر ولا يختص بها بل قد يكون في المال العام .
قال الكفوي في كتابه الكليات " الغلول الخيانة في بيت مال أو زكاة أو غنيمة وقيّده أبو عبيدة بالغنيمة فقط ".
قال البجيرمي في حاشيته " غُلُولٌ بِضَمِّ الْغَيْنِ وَاللَّامِ أَصْلُهُ الْخِيَانَةُ؛ لَكِنَّهُ شَاعَ فِي الْغُلُولِ فِي الْغَنِيمَةِ. ".
والغلول في الغنيمة " هو اختصاص أحد الغزاة، سواء الأمير أو غيره بشيء من مال الغنيمة قبل القسمة من غير أن يحضره إلى أمير الجيوش ليخمّسه، وإن قلّ المأخوذ ". قاله ابن حجر الهيتمي .
وقد جاء في النهي عن الغلول في الغنيمة أحاديث كثيرة منها :
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم في غزوهم إلى بعير من المقسم، فلما سلَّم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول وَبَرَة بين أنملتيه فقال: «إِنَّ هَذِهِ مِنْ غَنَائِمِكُمْ وَإِنَّهُ لَيْسَ لِي فِيهَا إِلَّا نَصِيبِي مَعَكُمْ إِلَّا الْخُمُسَ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ فَأَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمِخْيَطَ، وَأَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ وَأَصْغَرَ وَلَا تَغُلُّوا فَإِنَّ الْغُلُولَ نَارٌ وَعَارٌ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»" (رواه أحمد) .
و روى البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "كان على ثَقَل النبي صلى الله عليه وسلم -أي على متاعه- رجل يقال له كَرْكِرَة فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو في النار»، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلَّها".
الغلول في العمل
وإذا كان ما سبق في الغلول في الغنيمة فإن الغلول لا يختص بالجهاد بل قد يكون في العمل عاماً كان أو خاصاً ،فكل من خان ما استؤمن عليه من أموال سواء كانت عامة أو خاصة فقد غل تلك الأموال بخيانته تلك قلت أو كثرت .
وهذه الخيانة لها صور كثيرة أظهرها سرقة المال مباشرة واختلاسه ، ومنها الانتفاع الشخصي بأصول الشركة أو المؤسسة وصرفها فيما لم توجد لأجله .
روى مسلم في صحيحه عن سعد بن عبادة قال" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطًا فما فوقه كان غلولًا يأتي به يوم القيامة»، قال: فقام إليه رجل أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال: "يا رسول الله اقبل عني عملك"، قال: «ومالك؟» قال: "سمعتك تقول كذا وكذا"، قال عليه الصلاة والسلام: «وأنا أقوله الآن من استعملناه منكم على عمل فليجيء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهى عنه انتهى»".
وفي رواية للحاكم قال عليه الصلاة والسلام: «يا سعد إياك أن تجيء يوم القيامة ببعيرٍ تحمله له رُغاء»، قال: "لا آخذه ولا أجيء به" فأعفاه ".
والله أعلم
تعليقات
إرسال تعليق