محمد عبد العزيز
من رجل جريح إلى زعيم شعب
بقلم : محمود خطري
عاش محمد عبد العزيز رحمه الله طفولته كغيره من أبناء البدو الرجل ، راعيا للغنم وباحثا عن الكلأ والماء ، جال أودية زمور ولحمادة ، فتعلم منها الصبر والجلد ، ونهل من فقهائها ما تيسر من علوم الفقه والدين .
ولأن الاستعمار الاسباني لم يبن مدارس ولا جامعات في الصحراء الغربية ، اضطرت العديد من العائلات الصحراوية لتدريس أبنائها في دول الجوار.
درس محمد بالطنطان ثم تابع دراسته الجامعية في المغرب ، كان ذلك الطالب النجيب في كلية الطب ، يحلم أن يكون طبيبا ، لكن الأقدار ساقته إلى مسالك الثورة بوديانها وجبالها ووعورها .
أرادت له أن يمتشق البندقية بدل ارتداء المئزر ، وان يدافع عن شعبه ، بدل مواساة مرضى في صيدلية عامة .
غادر كلية الطب ، ولبى نداء الثورة ، تسلق الجبال والأودية ، وأكل " امريفيسة " وترك رفاهية الجامعة وزخرفها .
صارت الثورة أجمل وأنبل بالنسبة إليه ، شدته ببريق شعارها ونبل مقاصدها ، وصار الوطن اغلى من شهادة الجامعة وحلم الوظيفة .
حضر محمد عبد العزيز مؤتمر البوليساريو التأسيسي في ازويرات الموريتانية ، فكان أحد المؤسسين ثم مقاتلا وقائدا عسكريا لناحية الشمال ، فاخترق الرصاص جسده مرات عديدة ، وبقي واقفا كالطلح ، وبعد استشهاد الولي انتخبه رفاقه أمينا عاما للجبهة ، وكانت مهمة صعبة أحس بصعوبتها وثقل وقعها ، فواصل المهمة مقبل غير مدبر ، جال القارات وفتح العواصم والمطارات لإقناع العالم بعدالة قضية شعبه .
كان بسيطا ومتواضعا ، لذلك أحبه شعبه ، وكان صبورا لذلك خانه بعض رفاقه ممن التحقوا بالعدو ، ومن بقي معه في المنفى صار يهدم بفأسه شجرة الثورة ، ولكن بقي محمد يسقي تلك الشجرة بماء صبره حتى تنبت أشجارا ظليلة تقي هذا الشعب الصامد لهيب لحمادة الحارق .
محمد عبد العزيز ليس شخصا عاديا ، بل كان بركة من السماء وغيمة يستظل تحت ظلها آلاف المحرومين والمضطهدين من وطنهم .
كان كتلة من الصبر ، وخيمة صحراوية أصلية تذوب تحتها كل الخلافات ، وترفع فوقها البنود والإعلام .
أربعون عاماً ، قاد فيها سفينة شعبه ، كربان ماهر ، دون أن تغرق أو يحدث فيها ثقب أو يعبث بها عابث .
أنقذها من مطبات وانتشلها من من مؤامرات ، وتركها لشعبه بيضاء نقية سهلة سهلة الاتجاه طيعة المقود .
وفي 31 ماي 2016 كان لابد لساعة البطل أن تحين ، وان يستريح من رحلة كفاح طويلة وشاقة ،
من صفحة محمود خطري
تعليقات
إرسال تعليق