التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري يواجه تحديات.. وخبير: لا طائل من ورائه

 ما يزال مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري المقترح مثار جدل واسع، إذ يصف خبراء تكاليف إنشائه بأنها لا تتناسب -مطلقًا- مع العائدات المرجوة منه، من بين أسباب أخرى عديدة.

ويوصي هؤلاء الخبراء بضرورة وقف المشروع في الحال، حتى لا يكون استنزافًا للموارد دون جدوى أو طائل من ورائه.

وفي هذا الإطار، قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة النفط الوطنية النيجيرية ميلي كياري، إن المؤسسة تتطلع إلى استكشاف فرص أكبر في سعة صادرات الغاز النيجيرية عبر مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري.

ويمتد مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، البالغ كلفته 25 مليار دولار، بطول 5 آلاف و600 كيلومتر، ويمر عبر دول نيجيريا وبنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا وانتهاءً بالمغرب.

ومن المتوقع أن يتضمن أنبوب الغاز المغربي النيجيري 13 محطة ضغط.

وسبق أن أعلن كياري -أيضًا- أن ثمة رؤية واضحة فيما يتعلق بتأمين مصادر التمويل للمشروع، في حين لم يتبق أمام حكومة الرئيس النيجيري محمد بخاري سوى أقل من 40 يومًا في السلطة، ما يُلقي بظلال من الشك حول تنفيذ مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري.

وفي محاولة للإجابة عن هذا السؤال حاور موقع "نايراميتريكس" النيجيري المحلل الإستراتيجي المتخصص في مجال الطاقة، خبير الخصخصة السابق في مكتب المشروعات العامة خلال المدة من عام 2003 إلى 2007 دان دي كونلي، بهدف استكشاف جدوى مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، وإمكان وجود بدائل أخرى للمشروع، تحقق الأهداف نفسها المتمثلة في تعزيز صادرات الغاز النيجيرية، ورفع إيرادات الغاز في البلد الواقع غرب أفريقيا.

مشروع سياسي وليس اقتصاديًا

عن جدوى المشروع، قال كونلي إن مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري سياسي، وليست له قيمة اقتصادية في ظل الظروف الحالية التي تمر بها صناعة الغاز النيجيرية.

وتابع: "ومن الجيد -أيضًا- بالنسبة إلينا أن نفحص الاتفاقيات كافّة ذات الصلة المُبرمة بين نيجيريا وجميع الدول المعنية، التي سيمر خط الأنبوب عبر مياهها، وصولاً إلى المغرب".

غياب المعايير

أشار كونلي إلى أن مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري لم يخضع للمعايير التقنية والمالية الملائمة، كما لم تُراعَ فيه الاعتبارات البيئية.

وقال خبير الطاقة، إنه لا يمكن أن تكون هناك رؤية واضحة فيما يتعلق بتمويل المشروع -كما قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة النفط الوطنية النيجيرية ميلي كياري- نظرًا إلى أن الممولين والمستثمرين سيقارنون مشروعات الغاز المسال، وكذا محطات إعادة التغويز -إعادة الغاز الطبيعي المسال إلى الحالة الغازيّة- بالنسبة إلى كل من المغرب والدول الأخرى، إلى جانب المزايا المرنة الواسعة التي ستوفرها ناقلات سفن الغاز المسال في حوضي المحيط الأطلسي والهادئ.

وقال كونلي إن كلًا من المغرب ونيجيريا بحاجة إلى استكشاف استثمارات في محطات الغاز المسال، ومنشآت إعادة التغويز في المياه المغربية.

إنتاج الهيدروجين والفوسفات

تستطيع الحكومة المغربية -أيضًا- ضخ استثمارات في ناقلات سفن الغاز المسال، من أجل شراء الغاز المسال ونقله من نيجيريا أو أي مكان في العالم إلى محطات إعادة التغويز في المغرب أو أي سوق أخرى متاحة في أوروبا، أو حتى في أسواق آسيا-المحيط الهادئ، وفق تصريحات كونلي.

وعلاوة على ذلك، يمتلك المغرب موارد ضخمة في مجال الطاقة الشمسية، يمكن استغلالها في إنتاج الهيدروجين وشحنه إلى البلدان الأوروبية المجاورة.

وفوق هذا وذاك يمتلك المغرب صخور الفوسفات في رواسب كبيرة هي الأكثر تطورًا في شمال أفريقيا، وتحتاج نيجيريا إلى هذا الفوسفات لصناعة الأسمدة، لكن يمكن للرباط مبادلة إنتاج الفوسفات السنوي بسهولة بشحنات الغاز المسال النيجيري.

مبررات اقتصادية وسياسية

هناك عدد قليل من المبررات الاقتصادية والسياسية التي تفسر عدم قدرة مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية على تمرير مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري عبر أي حكومة في نيجيريا.

وأوضح كونلي أنه من الجيد تذكير مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية بمشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء الكبرى بين نيجيريا والنيجر والجزائر، الذي ما يزال تمويله وجدواه الاقتصادية محل شك حتى الآن، نظرًا إلى عدم وجود رؤية واضحة بشأن الاستثمار لإنتاج الغاز ومعالجته، الذي سُيضخ في خط أنبوب أجاوكوتا-كادونا-كانو، ومنه إلى خط أنابيب الغاز العابر للصحراء الكبرى.

بدائل أخرى

بسؤاله عما إذا كانت هناك بدائل أخرى لمشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، أجاب كونلي بقوله إنها قائمة.

وأوضح أن المغرب ونيجيريا يمكنهما معًا تطوير محطة براس-ألوكولا للغاز المسال في السنوات الـ3 و4 المقبلة، إذا ما كان لدى البلد العربي الطموح الكافي لاقتحام صناعة الغاز.

ومنذ مدة طويلة، وضعت نيجيريا تصورات لمشروعي غاز مسال ذي جدوى في منطقة براس وألوكولا للتجارة الحرة، وكلاهما يقع في ولايات بايلسا وأوندو/أوغون.

إلا أن مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية قد تجاهلت على ما يبدو المشروعين، لصالح مقترح مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة في نيجيريا:

وهناك بديل آخر أمام المغرب يتمثّل في الاستثمار في ناقلات سفن الغاز المسال، لشراء وتجارة الغاز المسال مع نيجيريا ودول أخرى، مثل غينيا الاستوائية والسنغال وموزمبيق ومصر، وغيرها.

وفي النهاية، أكد كونلي أن مشروع خط أنابيب الغاز المغربي النيجيري لا تتناسب تكاليفه مع العوائد المنشودة منه، ويرى أنه إهدار صريح لأموال مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية ومواردها.

وأوصى الخبير بضرورة وقف المشروع، قائلًا إنه إذا لم يستجوب المساهمون في الشركة إدارتها، فينبغي أن تسارع الجمعية الوطنية (البرلمان النيجيري) باتخاذ تلك الخطوة.

معلومات عن أنبوب الغاز النيجيري المغربي

  • من المُزمع أن يزيد طول أنبوب الغاز النيجيري المغربي على 5 آلاف و600 كيلومتر، ليصير أكبر خط أنابيب بحري في العالم، فور اكتماله.
  • من المُخطط أن يصبح المشروع المقترح امتدادًا لخط أنبوب الغاز الحالي في غرب أفريقيا، إذ يبدأ من نيجيريا مرورًا بكل من بنين وتوغو وغانا، قبل ربطه بالمغرب، ليكون محورًا لعبور الغاز إلى أوروبا.
  • من المقرر أن يشق مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري أراضي 13 دولة أفريقية، قبل أن يتصل في النهاية بأنبوب خط الغاز المغاربي الأوروبي، الذي أوقفته الجزائر من جانبها، في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ردًا على الأزمة الدبلوماسية مع المغرب.
  • يبدأ أنبوب الغاز المغربي النيجيري من جزيرة براس في نيجيريا، ويمتد إلى بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا، ثم إلى المغرب، أي أن الخط يمر عبر 11 دولة بين نيجيريا والمغرب.
  • من المُخطط أن ينقل المشروع -الذي تنقسم ملكيته بين مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية والمكتب الوطني المغربي للهيدروكاربورات والمعادن- 3 مليارات قدم مكعبة يوميًا (0.084 مليار متر مكعب يوميًا أو قرابة 30 مليار متر مكعب سنويًا)، وفق البيان الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
  • قد تتخطى كُلفة أنبوب الغاز المغربي النيجيري 25 مليار دولار، غير أن وزارة النفط النيجيرية ذكرت أن التكلفة النهائية للمشروع لن تتحدد حتى الانتهاء من تصميم المشروع، مشيرة إلى أن المشروع قد يستغرق عقودًا حتى يكتمل، وفق ما أوردته شبكة بلومبرغ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشاب الجزائري الموثر محمد دومير يصنع الحدث في ملف الصحراء الغربية

 ‏بعد التحقق من المعلومات الواردة في عدة وثائق تثبت استقلالية الصحراء الغربية تاريخيا، بما في ذلك رسائل ومعاهدات سلاطين مراكش. قمت بإرسالها للجنة الرابعة للامم المتحدة لانهاء الاستعمار، و طلبت أن أعرضها بقاعة الاجتماعات هذا الأسبوع أمام كل العالم..  انتظرونا من نيويورك

مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية: البوليساريو انتهجوا وسائل قانونية للمقاومة وعملوا على بناء مؤسسات دولة ديمقراطية وشاملة وكسبوا ثقة العالم.

 نشرت مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية مقالًا للكاتبة هانا راي أرمسترونج تناولت فيه السياسات التي يمكن أن تنتهجها إدارة بايدن لحل النزاع بشأن الصحراء الغربية. تستهل الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وَقَّع إعلانًا (أحادي الجانب) في ديسمبر  2020 يعترف بالسيادة المغربية على منطقة تبلغ مساحتها 100 ألف ميل مربع متنازع عليها منذ نصف قرن: الصحراء الغربية، ماضيًا بذلك في عكس اتجاه سياسة أمريكية طويلة الأمد بالتزام الحياد في المواجهة بين الحكومة المغربية، وجبهة البوليساريو، التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية. ونوَّهت الكاتبة إلى أن ترامب أيَّد مطالبة المغرب بالسيادة على الصحراء مقابل تطبيع الرباط لعلاقاتها مع إسرائيل، والانضمام إلى اتفاقات أبراهام. وتسببت هذه المقايضة في انهيار اتفاق لوقف إطلاق النار؛ مما أدَّى إلى تجدد القتال، وتزايد التوترات في المنطقة. وتلفت الكاتبة إلى أن الأمم المتحدة تحاول استئناف عملية سياسية من شأنها التغلب على المأزق الحالي، ورفضت المغرب تنفيذ استفتاء شعبي تدعمه الأمم المتحدة من شأنه أن يحدد وضع الصحراء الغربية، وبدلًا عن ذلك قدَّم المغر...

أبي بشراي البشير يؤكد " القرار الصادر عن القسم القانوني في مجلس الإتحاد الأوروبي مهم للغاية ويؤكد القراءة السليمة لقرار محكمة العدل الأوروبية

  الشهيد للحافظ ، 02 فبراير 2025 (واص) -  أكد ممثل  جبهة البوليساريو لدى سويسرا والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف, السفير أبي بشراي البشير, أن الرأي الصادر عن القسم القانوني في مجلس الاتحاد الأوروبي "مهم للغاية" لأنه يؤكد "القراءة السليمة لقرارات محكمة العدل الأوروبية الصادرة يوم 4 أكتوبر 2024 والتي تم بموجبها رفض طعون المفوضية والمجلس ضد قرار المحكمة العامة ليوم 29 سبتمبر 2021 وتأكيد قرار إلغاء الاتفاقيات بين المغرب والاتحاد الأوروبي.  وذلك - يضيف الدبلوماسي الصحراوي - بسبب شموليتها  اللاشرعية للصحراء الغربية, وهي الإقليم المتمايز والمنفصل عن المملكة المغربية, دون الحصول على موافقة الشعب الصحراوي المعني الحصري بالحق في تقرير المصير, وبالتالي السيادة على الإقليم وثرواته". وأضاف في تصريح لو" واج "  أن "هذا الرأي القانوني يعزز الانطباع الحاصل لدى الأوروبيين بتقلص هامش المناورة أمام المفوضية في محاولاتها الدائمة للقفز على قرارات العدالة الأوروبية, ويحمل رسالة واضحة إلى المفوضية بضرورة احترام تلك القرارات والالتزام بمحتواها". كما شدد الدبلوماسي ...