التخطي إلى المحتوى الرئيسي

توتّر دبلوماسي بين مالي والجزائر.

 **


توتّر دبلوماسي بين مالي والجزائر 


‏أمس، احتجت وزارة الخارجية المالية على الجزائر بسبب "أعمال غير ودية"، حيث استدعى وزير الخارجية المالي عبد الله جوب السفير الجزائري في باماكو، الحواس رياش، معبرًا عن قلق بلاده من لقاءات جرت في الجزائر مع أشخاص معادين للحكومة المالية. جوب اعتبر هذه الأعمال تدخلاً في شؤون مالي الداخلية، مشيرًا إلى انحياز بعض الحركات الموقعة على اتفاق السلام والمصالحة في مالي للجانب الإرهابي.


‏وطالب الوزير المالي الجانب الجزائري بتفضيل التشاور مع السلطات المالية للحفاظ على العلاقات الطيبة بين البلدين. أكد جوب التزام مالي بالاتفاق الموقع في الجزائر وعزمها على مكافحة الإرهاب. تأتي هذه الاحتجاجات في أعقاب استقبال الرئيس الجزائري للشيخ والزعيم الروحي محمود ديكو ولقاءات مع قادة حركات متمردة انفصالية.


‏رداً على استدعاء مالي لسفير الجزائر، استدعى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف سفير مالي في الجزائر، ماهامان أمادو مايغا، لمناقشة الاتهامات المالية بالتدخل في شؤونها. أكد عطاف على ثلاثة مبادئ تحكم مساهمات الجزائر في تعزيز السلم والأمن في مالي: أ- الالتزام بسيادة ووحدة أراضي مالي، ب- الإيمان بالحلول السلمية كوسيلة للأمن والاستقرار، -ضرورة المصالحة الوطنية. 


‏وذكّر بدعوة الجزائر لجميع الأطراف المالية للالتزام باتفاق السلم والمصالحة، مشيرًا إلى أن اجتماعاتهم الأخيرة مع قادة الحركات المالية تتوافق مع هذا الالتزام. عبر عطاف عن أمله في انضمام الحكومة المالية لجهود الجزائر في تعزيز هذا المسار، مؤكدًا على العلاقات القوية بين البلدين والتزام الجزائر بدعم مالي في مسار السلم والمصالحة.


‏واليوم، وعقب اتهامات مالي، قامت الجزائر بسحب سفيرها من مالي.


‏ردًا على ذلك، أبلغت الحكومة المالية الجزائر، في خطوة متبادلة، باستدعاء سفير مالي المقيم في الجزائر للتشاور.


‏يمكن تحديد نقاط الاختلاف الرئيسية كالتالي:


‏1.اتهامات التدخل: مالي تتهم الجزائر بالتدخل في شؤونها الداخلية باستضافة قيادات الانفصاليين الأزواديين والإمام المُثير للجدل محمود ديكو. هذا الاتهام يشكل جوهر الأزمة الدبلوماسية، حيث تعتبر مالي أن أفعال الجزائر تشكل خرقًا لسيادتها.


‏2.اتفاق السلم والمصالحة: الجزائر تشدد على أهمية الاتفاق ودورها في تنفيذه، في حين يبدو أن هناك تفسيرات مختلفة أو تحفظات من جانب مالي بشأن هذا الدور أو تنفيذ الاتفاق.

‏3.الاجتماعات مع قادة الحركات المالية: الجزائر تعتبر اجتماعاتها مع قادة الحركات المالية جزءًا من جهودها لدعم الاتفاق، لكن يبدو أن مالي ترى في هذه الاجتماعات شكلاً من أشكال التدخل.


‏** مآخذي على الطرفين:

‏من وجهة نظري، تقع على عاتق الجزائر، بصفتها الشقيقة الكبرى، مسؤولية توخي الحذر في نحو حساسياتةٍ دبلوماسية مع جارتها، خصوصًا عندما تستضيف شخصيات مثل الإمام ديكو، الذي أدلى بتصريحات مناهضة للحكومة ودعا إلى الاحتجاج ضدها. هذا الوضع أسفر عن فقدان ديكو لبعض مميزاته كجواز السفر الدبلوماسي، لذا تُعتبر هذه الخطوة من الجزائر كدعم لمعارض الحكومة المالية في تفسيرها. هو مشابه للوضع كما لو تواصلت باماكو مع معارض للجزائر مثلاً.


‏أما بخصوص لقاءات الجزائر مع قادة الانفصاليين، فعلى الرغم من كونها الراعي لاتفاقية المصالحة لعام 2015 وسعيها لتحقيق التقارب بين الأطراف، فإن استضافتهم من جانب واحد، خصوصًا إذا كانت بدون علم الحكومة المالية، تزيد من حدة التوترات الدبلوماسية، وهو ما كان يمكن تجنبه. أو كان يمكن للجزائر الانتظار حتى تتاح الفرصة لجمع الأطراف ثم اللقاء بهم معًا.


‏وخاصة أنّ الجماعات التي اجتمعت معهم الجزائر أعلنوا يوم الأربعاء 20 ديسمبر عن فرض حصار على المحاور الرئيسية في شمال دولة مالي، ونصب حواجز على كافة الطرق الرئيسية المؤدية إلى الحدود الشمالية مع كل من موريتانيا، الجزائر والنيجر. وصفت باماكو ذلك باصطفائهم مع الإرهابيين، حيث زعيم القاعدة " إياد آغ غالي نفسه" أعلن الحرب على دول الساحل قبل أيام، فالخلاصة الموضوع حساس، وكان يمكن عدم الاجتماع إلا مع طرفي النزاع.


‏** مأخذي على مالي: الملحوظ هو تناقض موقفها حيال اتفاقية الجزائر. على الرغم من معارضة الشعب والحكومة للاتفاقية ورغبتهم في استعادة السيادة الكاملة على أراضي البلاد، إلا أن باماكو أعادت التأكيد في بياناتها التزامها بالاتفاق.


‏في تقديري، لو اتخذت مالي موقفاً رسمياً بالانسحاب منها، معلنةً أنها تتعارض مع مصالحها الوطنية العليا، خاصةً وأنها في حرب مع الأطراف الموقعة على الاتفاق، لما نشأت هذه الأزمة. فذلك كان سيمكن الجزائر من أخذ العلم على هذا التطور وعدم التعامل مع الانفصاليين كراعية للاتفاقية، مما يقلل من احتمالات الانزعاج من جانب باماكو.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية: البوليساريو انتهجوا وسائل قانونية للمقاومة وعملوا على بناء مؤسسات دولة ديمقراطية وشاملة وكسبوا ثقة العالم.

 نشرت مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية مقالًا للكاتبة هانا راي أرمسترونج تناولت فيه السياسات التي يمكن أن تنتهجها إدارة بايدن لحل النزاع بشأن الصحراء الغربية. تستهل الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وَقَّع إعلانًا (أحادي الجانب) في ديسمبر  2020 يعترف بالسيادة المغربية على منطقة تبلغ مساحتها 100 ألف ميل مربع متنازع عليها منذ نصف قرن: الصحراء الغربية، ماضيًا بذلك في عكس اتجاه سياسة أمريكية طويلة الأمد بالتزام الحياد في المواجهة بين الحكومة المغربية، وجبهة البوليساريو، التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية. ونوَّهت الكاتبة إلى أن ترامب أيَّد مطالبة المغرب بالسيادة على الصحراء مقابل تطبيع الرباط لعلاقاتها مع إسرائيل، والانضمام إلى اتفاقات أبراهام. وتسببت هذه المقايضة في انهيار اتفاق لوقف إطلاق النار؛ مما أدَّى إلى تجدد القتال، وتزايد التوترات في المنطقة. وتلفت الكاتبة إلى أن الأمم المتحدة تحاول استئناف عملية سياسية من شأنها التغلب على المأزق الحالي، ورفضت المغرب تنفيذ استفتاء شعبي تدعمه الأمم المتحدة من شأنه أن يحدد وضع الصحراء الغربية، وبدلًا عن ذلك قدَّم المغر...

أبي بشراي البشير يؤكد " القرار الصادر عن القسم القانوني في مجلس الإتحاد الأوروبي مهم للغاية ويؤكد القراءة السليمة لقرار محكمة العدل الأوروبية

  الشهيد للحافظ ، 02 فبراير 2025 (واص) -  أكد ممثل  جبهة البوليساريو لدى سويسرا والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف, السفير أبي بشراي البشير, أن الرأي الصادر عن القسم القانوني في مجلس الاتحاد الأوروبي "مهم للغاية" لأنه يؤكد "القراءة السليمة لقرارات محكمة العدل الأوروبية الصادرة يوم 4 أكتوبر 2024 والتي تم بموجبها رفض طعون المفوضية والمجلس ضد قرار المحكمة العامة ليوم 29 سبتمبر 2021 وتأكيد قرار إلغاء الاتفاقيات بين المغرب والاتحاد الأوروبي.  وذلك - يضيف الدبلوماسي الصحراوي - بسبب شموليتها  اللاشرعية للصحراء الغربية, وهي الإقليم المتمايز والمنفصل عن المملكة المغربية, دون الحصول على موافقة الشعب الصحراوي المعني الحصري بالحق في تقرير المصير, وبالتالي السيادة على الإقليم وثرواته". وأضاف في تصريح لو" واج "  أن "هذا الرأي القانوني يعزز الانطباع الحاصل لدى الأوروبيين بتقلص هامش المناورة أمام المفوضية في محاولاتها الدائمة للقفز على قرارات العدالة الأوروبية, ويحمل رسالة واضحة إلى المفوضية بضرورة احترام تلك القرارات والالتزام بمحتواها". كما شدد الدبلوماسي ...

البرلمان البريطاني يستقبل ممثلي القضية الصحراوية لمناقشة تطورات النزاع ودور المملكة المتحدة

  شارك مارك لوتشفورد (Mark Luetchford)، ممثل منظمة Western Sahara Campaign UK، والمنظمة الخيرية البريطانية Mijek Refugees Hand، ممثلها أباهم مولود، في لقاء مع البرلماني البريطاني عن Folkestone and Romney Marsh السيد Tony Vaughan، وذلك يوم 13/07/2025 على الساعة العاشرة صباحًا في مدينة Folkestone. كان هذا اللقاء مبرمجًا منذ مدة، وتناول القضية الصحراوية وآخر تطوراتها، إلى جانب مناقشة دور المملكة المتحدة وموقفها الأخير من هذه القضية. تم التطرق إلى تطورات النزاع في الصحراء الغربية، والخلفية القانونية لوضع الإقليم في القانون الدولي، وكذلك مسار مخطط السلام الأممي-الإفريقي، وفشل الأمم المتحدة حتى الآن في إيجاد حل عادل. كما طالب الوفد من البرلماني Tony Vaughan الانضمام إلى مجموعة البرلمانيين الداعمين للقضية الصحراوية داخل البرلمان البريطاني، بالإضافة إلى طرح أسئلة رسمية داخل البرلمان بشأن القضية الصحراوية. وقد تم التأكيد له أن الشعب الصحراوي لا يطلب سوى العدالة وفقًا للقانون الدولي، وأن الشعب الصحراوي وحكومته مستعدان للتعاون الاستراتيجي مع المملكة المتحدة في مختلف المجالات. وللإشارة، ...