#
شيء_من_التاريخ (33)
في 25 فبراير 1958 أعلن سلطان المغرب محمد الخامس رسميا مطالبته بضم موريتانيا إلى المغرب خلال خطابه في بلدة محاميد الغزلان، بعد أن كانت هذه المطالب التوسعية مقتصرة على حزب "الاستغلال" المسمى في المغرب بحزب ا"لاستقلال" بزعامة منظر التوسع المغربي علال الفاسي، وجاء في خطاب سلطان المغرب يومها "إن ما يسعدنا، أن تستقبلنا في قرية محاميد الغزلان التي هي باب الصحراء من قبائل شنقيط، وأن نسمع إليهم ومعهم فقهاؤهم وأبناؤهم وهم يؤكدون لنا كما أكد آباؤهم لجدنا تعلقهم بالعرش العلوي".
وقد أتى هذا الخطاب التوسعي استباقا لمساعي فرنسا التي كانت يومئذ تعد لإنهاء استعمارها في موريتانيا، من جهة ومن جهة اخرى بهدف أحتواء الاتهامات المبطنة التي يكررها علال "الفاشي" بتفريط النظام الملكي المغربي في أراضي المغرب التاريخية وهي العقيدة التي كان يحشد حولها مناصريه في حزب الاستقلال، والتي سيتبناها النظام المغربي منذ خطاب محمد الخامس المشار إليه، قاطعا بذلك الطريق على حزب الاستقلال المنافس له على السلطة.
تتركز العقيدة التوسعية على مشروع علال "الفاشي" الذي لخصها في خطابه الموجه إلى اعضاء حزبه سنة 1956 حين قال" نطالب بكل أجزاء الإمبراطورية العلوية التي لم تتحرر بعد والتي تبدأ من طنجة شمالا مرورا بالصحراء الغربية، وصولا إلى الصحراء والحدود الجزائرية، بشار، الاغواط ، ادرار مرورا باطار في موريتانيا وصولا إلى السينغال، وإذا لم تتحرر هذه المناطق فإن من واجبنا أن نقوم بفعل لنحرر وطننا ونوحده".
وبعد فشل المغرب في منع استقلال موريتانيا دخل النظام المغربي في مؤامرة تقاسمها مع مالي والسنغال كما تقول جريدة "لكسبريس" الصادرة في 15 سبتمبر 1960، بحيث يكون "الشرق للسودان (مالي) والجنوب (للسينغال) وما بقي للمغرب"، فكرة تقسيم موريتانيا هذه، التي يسميها المختار ولد داده "المؤامرة الشيطانية" ستفشل بعد أن يؤيد السينغال اعلان استقلال موريتانيا استجابة للضغوط الفرنسية المباشرة، ويضطر المغرب بعد تسعة سنوات من الجهود الفاشلة أن يعترف باستقلال موريتانيا.
وتبقى المفارقة في انخراط المختار ولد داده في نفس "المؤامرة الشيطانية" التي سبق أن قاومها ما وسعه الجهد، بمشاركته في تقسيم الصحراء الغربية مع المغرب في نوفمبر 1975، رغم أن الحجج التي رفض بها ضم المغرب لأراضي موريتانيا تنطبق تماما على حالة الصحراء الغربية، ضعف الذاكرة الذي عصف بالمختار ولد داده ما زال مستشري في عدد كبير من عناصر الطابور الخامس المغربي في موريتانيا على الرغم من أن النخب المغربية لا زالت تعتبر الاعتراف باستقلال موريتانيا خطاء تاريخيا ينبغي تصحيحه، كما ورد في مذكرات عبد اللطيف الفيلالي أو في تصريحات حميد شباط أو أحمد الريسوني أو غيرهم، وما تخفي صدورهم أكبر.
من صفحة Ghali Azbir
تعليقات
إرسال تعليق