بدون رتوش....
هنا في الجنوب الغربي من الجزائر وعلى بعد 1810 كلم من العاصمة يقع مخيم اللاجئين الصحراويين المُنشإ في ولاية تندوف الجزائرية عامي 1975-76 لإيواء اللاجئين الصحراوين الفارين من بطش الجيش المغربي، أثناء حرب الصحراء الغربية ومحتلها المغربي، إذ لا يزال معظم اللاجئين يعيشون هنا،
حيث تعتبر حالة اللجوء هذه الأطول في العالم،
هنا تحديدا في مخيم سبعة وعشرين (بوجدور) وعلى ظهر "إگويرة الراية" حيث تتضح الرؤية للناظر بعين الحقيقة ليتسنى له إدراك ما لم يكن ليخفى على من ألقى السمع وهو شهيد،
عجوز تسير مثقلة الكاهل محدودبة الظهر تاركة أثر قدميها في الرمل يحكي ألما ظل حبيس خلجات الصدر لخمسة عقود خلت،
منها تعلمت حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والجوارح عن فعل ما لا يليق،
قسمات وجهها تقول {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}... ولسان حالها {وأعلم من الله ما لا تعلمون}
رجل في عقده السادس أرهقه القلق والتفكير المفرط بما حملانه من أضرار ناتجة عن ارتفاع هرمون الأدرنالين بشكل غير طبيعي داخل جسمه بسبب ويلات حرب فقد فيها رفقاء كان يبادلهم كؤوس شاي شهية ما كانت لتطيب له لولاهم ليعود من الناحية إلى الخيم حاملهم جثثا بعد أن غادروا المخيم جميعا أشداء أؤلي بأس شديد على ظهر "ادريميزة"....
ظروف لجوء قاسية فرضها عليه إيمانه المطلق بنبل قضيته وأحقيتها بالدفاع بروحه وبفتية له ولدوا على أديم هذه الأرض القاحلة مؤمنين بقضيتهم ليزيدهم إيمانا مع إيمانهم
أصغرهم استشهد في أول مواجهة له مع عدوه وأخوه الأكبر بترت ساقه بسبب لغم كان قد زرع له...
عشرينية تقدم نفسها لحمل مشعل ذلك الهم الذي أرهق كاهل أمهاتها عسى الله أن يمن بفرج من عنده بعد أن خذلهم الأقربون مرددة {لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا} مستعدة لتكون زوجة لشهيد ربما لن تراه بعد يومه الأول لكن الله قد يرزقها بولد منه يكون بدوره مشروع شهيد طال الأمد أم لم يطل،
مؤلمة حياة اللجوء تلك لكن الأكثر إيلاما ذلك التجاهل الذي شكلت فيه الكلمات جدارًا من الصمت حول قضية الصحراء الغربية تجلت فيه قوة التغييب أكثر من الغياب،
فلا تحمدن عند الرخاء مؤاخيا // فقد تنكر الإخوان عند المصائب
عند الرخاء مؤاخيا // فقد تنكر الإخوان عند المصائب
بتاه آبل
تعليقات
إرسال تعليق