ما أسباب عدم خروج الجيش المغربي من نطاق “حزام الذل والعار”؟
في بداية الغزو المغربي، تقدّمت القوات المغربية بسرعة نحو المناطق المحررة مثل بئر الحلو وتفاريتي، مستفيدة من غياب المعرفة الحقيقية بقدرات المقاتل الصحراوي. غير أن هذا التقدم لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما صُدمت تلك القوات بشراسة المقاومة الصحراوية، وتكبّدت خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
وقد كان من أسباب ذلك التهور هو استهانة القيادة المغربية بقدرات المقاتلين الصحراويين، إلى درجة أن بعض الجنرالات اعتقدوا أن هؤلاء المقاتلين يتعاطون مواد مهلوسة، وهو أمر أكّده أسير صحراوي أثناء التحقيق معه من قِبل الاستخبارات المغربية، قبل لقائه بالملك الحسن الثاني.
خلال 16 سنة من المعارك الطاحنة التي تجاوز عددها 3000 معركة، كانت أبرزها معركة كلتة زمور التاريخية، والتي أسقطت فيها المقاومة أكثر من خمس طائرات خلال ثلاثة أيام، وأُسر فيها 250 جنديًا وضابطًا. كما شهدت مناطق مثل لبيرات، لمسيد، أم الدكن وغيرها، ملاحم بطولية كانت وراء الانهيار المادي والمعنوي للجيش المغربي.
تكبّد الجيش المغربي خلال هذه الحرب خسائر بشرية قُدّرت بأكثر من 40 ألف قتيل، وأُسر أكثر من 4500 جندي، كما أسقطت المقاومة الصحراوية حوالي 81 طائرة. إلى جانب ذلك، بلغت الخسائر الاقتصادية والمالية للمغرب أكثر من 150 مليار دولار خلال 16 سنة، نتيجة التكاليف الباهظة للحرب، وبناء وتحصين الحزام العسكري، وتمويل العمليات العسكرية.
أمام هذه الضربات المتتالية، لجأ الجيش المغربي إلى بناء ما يُعرف بـ”حزام الذل والعار”، وهو جدار عسكري شُيّد على جثث الجنود المغاربة، بهندسة إسرائيلية، وتمويل خليجي، وتسليح أمريكي متطور.
تخندق الجيش المغربي خلف هذا الحزام بعد أن أصيب بهزيمة نفسية عميقة، وفقد إرادة القتال، وتحول إلى قوة دفاعية لا تملك زمام المبادرة، بينما أصبح المقاتل الصحراوي هو من يحدد توقيت ومكان الهجوم. أما الجندي المغربي، فقد تحوّل إلى حارس ينتظر مصيره في جحور التحصينات الدفاعية.
لقد نجح الجيش الشعبي الصحراوي في انتزاع إرادة القتال من الجيش المغربي، من خلال 16 عامًا من الهزائم المتتالية، في هزيمة استراتيجية مركّبة لا تزال آثارها قائمة إلى اليوم
اباهم مولود اباعلي
تعليقات
إرسال تعليق