كيف دجّن الاستعمار الإسباني النظام القبلي الصحراوي؟
دخل الاستعمار الإسباني إلى الصحراء الغربية بعد دراسة معمقة لطبيعة المجتمع الصحراوي وجغرافيته، خاصة بعد فشل كل المحاولات السابقة للسيطرة على المنطقة منذ القرن الخامس عشر.
اتبع الإسبان سياسة ناعمة في البداية، فدخلوا عن طريق التجارة وأقاموا تحالفات مع شيوخ القبائل، ثم بدأوا بتدجين النظام القبلي التقليدي، عبر منح امتيازات خاصة لكل شيخ قبيلة، ليضمنوا ولاءه ويخلقوا لديه مصلحة في بقاء الاستعمار.
وتم تحويل النظام القبلي من نظام يقوم على الكفاءة إلى نظام وراثي، خلافًا لما كان سائدًا قبل الاستعمار. وهكذا، أصبح النظام القبلي أداة في يد المستعمر، يُستخدم للسيطرة على المجتمع وتفكيكه من الداخل.
كيف تعامل الاحتلال المغربي مع الشعب الصحراوي بعد دخوله المناطق المحتلة؟
من الواضح أن هناك تنسيقًا استخباراتيًا سابقًا بين الاستعمار الإسباني والاحتلال المغربي، حيث سلّم الإسبان قاعدة بيانات مفصلة عن المجتمع الصحراوي، استُخدمت لاحقًا من قِبل المغرب لتعزيز هيمنته على المدن المحتلة.
ورث الاحتلال المغربي من الإسبان النظام القبلي المدجّن، واستخدمه بالطريقة ذاتها، حيث منح شيوخ القبائل امتيازات مالية كبيرة، وعيّن أبناءهم في وظائف ومناصب عليا بغضّ النظر عن كفاءاتهم أو مهاراتهم، فقط لضمان ولائهم وتحويلهم إلى أدوات طيعة في يد السلطة المغربية.
لكن المغرب لم يكتفِ بتكرار ما فعله الاستعمار الإسباني، بل أضاف عليه، من خلال صناعة عائلات أرسطوقراطية جديدةمن بعض القبائل ذات الثقل الديموغرافي في المجتمع الصحراوي. تم تمكين هذه العائلات عبر فتح أبواب الاستثمار والمال والنفوذ أمامها، دون أن يكون ذلك نتيجة كفاءتها أو عملها، بل فقط لضمان ولائها وتكريس تبعيتها.
كان الهدف الأساس من هذه السياسات هو صناعة نخب موالية تتحكم في المجتمع، وتكون بمثابة أدوات للسيطرة، على حساب الأغلبية الساحقة من الصحراويين الذين جُرّدوا من حقوقهم ومواردهم.
تعليقات
إرسال تعليق