منذ بداية الثورة الصحراوية، أو منذ بروز الوعي السياسي والفكري لدى الشعب الصحراوي، خاصة بعد انتفاضة الزملة التاريخية، شهد نضال الشعب الصحراوي تطورًا سريعًا، يفوق في بعض جوانبه تطور ثورات أخرى في العالم.
وبعد هذه الانتفاضة، تم تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو). وبعد عشرة أيام فقط من إعلان الجبهة، تم الإعلان عن الكفاح المسلح ضد الاستعمار الإسباني، الذي لم يصمد طويلاً، حيث انسحب آخر جندي إسباني من الصحراء الغربية في 26 فبراير 1976.
منذ ذلك الحين، خاض الشعب الصحراوي معارك شرسة في ظل ظروف صعبة وقاهرة، ليس فقط ضد الاحتلال، بل أيضًا ضد مخلفات الاستعمار مثل الجهل، التخلف، القبلية، والعبودية. وقد واجه كذلك غزوًا مزدوجًا من المغرب وموريتانيا في تلك المرحلة الحرجة.
للمتابع لمسار تطور الجيش الشعبي الصحراوي، يلاحظ مدى تسارعه المدهش؛ فمن مجموعة من المقاتلين بأسلحة تقليدية إلى إسقاط الطائرات في عام 1976، بعد نحو ثلاث سنوات فقط من التأسيس، حيث تحققت انتصارات عسكرية متلاحقة مهدت لإنجازات دبلوماسية تمثلت في اعترافات متتالية بالجمهورية الصحراوية.
في عام 1979، انسحبت موريتانيا صاغرة من الصحراء الغربية بعد أن تلقى جيشها ضربات موجعة من قبل الجيش الشعبي الصحراوي، الذي استهدف العاصمة نواكشوط مرتين متتاليتين في 1976 و1977، مما أدى إلى شل الاقتصاد الموريتاني بالكامل.
في 12 نوفمبر 1984، انضمت جبهة البوليساريو، ممثلة بـالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية (RASD)، إلى منظمة الوحدة الأفريقية، مما أدى إلى انسحاب المغرب من المنظمة. وكان ذلك تتويجًا لانتصارات الشعب الصحراوي في مختلف الميادين، وخصوصًا العسكرية منها.
خاض الجيش الصحراوي معارك بطولية سُجلت في التاريخ، مثل معارك الواركزيز، وكلتة زمور، وأم الدقن، والسمارة، والمحبس، وجديرية وغيرها. وبسبب الخسائر المتتالية، بنى الجيش المغربي حزامًا رمليًا عازلًا لحماية مناطق ذات اهمية استراتيجية لكن ذلك لم يمنعه من التعرض لهزيمة استراتيجية ما زالت تداعياتها تؤثر على الضباط والجنود المغاربة حتى اليوم.
عجز الاحتلال المغربي عن حسم المعركة، فلجأ إلى التواطؤ مع قوى استعمارية، خاصة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وسعى لجرّ الشعب الصحراوي إلى سلام زائف عبر الأمم المتحدة، كان في حقيقته أشبه بـ”حصان طروادة” لانتزاع أرض غنية بالثروات الطبيعية.
لقد أثبت التاريخ أن الشعب الصحراوي لم يخض حربه ضد الغزو المغربي فقط، بل ضد قوى استعمارية كبرى تقف خلفه وتدعمه في كل ميادين الصراع، سواء الدبلوماسية أو العسكرية، من فرنسا، والولايات المتحدة، إلى الصهيونية العالمية.
الخاتمة:
إن ما أطال أمد النزاع لم يكن صمود الجيش المغربي، بل هو مخطط السلام الزائف الذي فُرض على الشعب الصحراوي كـ”حصان طروادة”، فانتُزع منه 29 سنة من عمر نضاله، بعد 16 سنة من الملاحم البطولية التي سطّرها في كل الجبهات. وبينما قدّمت الجبهة الأرضَ والدم من أجل الحرية، كان المجتمع الدولي يُسوّق “السلام” كغطاء لشرعنة الاحتلال وتأجيل تحقيق العدالة
Mijek Media
تعليقات
إرسال تعليق