التخطي إلى المحتوى الرئيسي

موريتانيا والغزو المغربي الناعم


 


الاستعمار التقليدي والاستعمار الجديد


الاستعمار الكلاسيكي اعتمد على القوة العسكرية والهيمنة المباشرة، بينما يتسم الاستعمار الجديد بما يُعرف بـ”القوة الناعمة”، عبر التعليم، الاقتصاد، الثقافة، والتغلغل في مفاصل الدولة. لكن عند فحص الجوهر، نجد أن الهدف واحد: الهيمنة على القرار الوطني والسيطرة على الموارد.


المغرب والصحراء الغربية


منذ استقلال المغرب لم يُخفِ طموحه ومطالبته بموريتانيا، وكان تقاسم الحسن الثاني أرض الصحراء مع المختار ولد داداه مجرد عمل تكتيكي. ولما فشل المغرب في السيطرة على الأراضي الصحراوية، بدأ في اعتماد النوع الثاني من الاستعمار غير التقليدي.


النفوذ المغربي في موريتانيا: أدوات القوة الناعمة


1. التعليم والتدريب العسكري


منح المغرب منذ سنوات عديدة منحًا دراسية للطلاب الموريتانيين، إضافة إلى تدريب ضباط موريتانيين في مؤسساته العسكرية. ورغم المظاهر الإيجابية، يُنظر إلى هذه الخطوة من زاوية سياسية باعتبارها محاولة لبناء نخب موالية أو “لوبيات” مؤثرة في صناعة القرار الموريتاني.


2. النفوذ الثقافي والديني


اعتمد المغرب على البعد الروحي والديني لتوسيع نفوذه، مستندًا إلى شرعية الزوايا والطرق الصوفية (مثل الطريقة التجانية)، إضافة إلى ترويج “خرافة النسب الشريف” المرتبط بالعرش المغربي، وهي سردية تجد صدى في بعض المجتمعات الموريتانية.


3. الإعلام والدعاية


برزت صحافة موريتانية صفراء مدفوعة الأجر تصطف مع الموقف المغربي، وتتلقى الدعم والتمويل المباشر أو غير المباشر، وتلعب دورًا في تشكيل الرأي العام بما يخدم الأجندة المغربية.


البعد الاقتصادي والاستخباراتي


1. قطاع الاتصالات


تملك “اتصالات المغرب” حصة كبيرة في شركة “موريتل”، وهو ما يفتح الباب أمام الحديث عن إمكانية استخدام البنية التحتية لأغراض تتجاوز الاقتصاد إلى التأثير الأمني والاستخباراتي.


2. البنوك والمشاريع الصغيرة


فتح البنك الشعبي المغربي فروعًا في نواكشوط، إلى جانب استثمارات في قطاعات الفلاحة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة. هذه الخطوات لا يمكن قراءتها فقط في إطار التنمية الاقتصادية، بل أيضًا كوسيلة للسيطرة على مفاصل الاقتصاد الموريتاني.


الحرب القذرة: الوجه الخفي للنزاع


إلى جانب القوة الناعمة، يخوض المغرب ما يُوصف بـ”الحرب القذرة”، والتي تشمل حرب المخدرات والحبوب المهلوسة. هذه الحرب لا تقتصر على الصراع العسكري أو الدبلوماسي، بل تمتد إلى استخدام أدوات غير تقليدية مثل:

تغذية الجريمة المنظمة: تشير تقارير عديدة إلى انتشار المخدرات والحبوب المهلوسة عبر ثغرة الكركرات، وهو ما انعكس على الوضع الأمني في موريتانيا التي عُرفت تاريخيًا باستقرارها.

الغزو الديمغرافي: يتمثل في هجرة منظمة عبر منح امتيازات لمغاربة يقيمون في موريتانيا، بهدف التغلغل الثقافي والديمغرافي، مما يؤدي إلى تهديد الهوية الوطنية الموريتانية نظرًا لكثرة المغاربة مقارنة بالموريتانيين، وهو ما يُعتبر شكلًا من أشكال الاحتلال الديمغرافي على المدى البعيد.

الحرب الإعلامية: تضخيم الروايات الرسمية عبر صحافة صفراء وصفحات ممولة للتأثير على الرأي العام.


هذه الحرب غير المعلنة تمثل الجانب الأكثر خطورة، لأنها تضعف الدول من الداخل وتستنزف قدراتها الأمنية والاجتماعية.


التبعات الأمنية


انعكست هذه السياسات على الوضع الأمني في المنطقة، حيث ارتبطت بتنامي ظواهر التهريب، والجريمة المنظمة، وانتشار شبكات المخدرات. هذه التحديات باتت تهدد الأمن القومي الموريتاني والصحراوي والجزائري على حد سواء.


إن كل مشاكل منطقتنا من صراعات، وانتشار المخدرات، والحبوب المهلوسة التي كانت وراء الفساد الأخلاقي وارتفاع معدلات الجريمة، مصدرها النظام المغربي (المخزن). لذلك، فإن استئصال هذا النظام أمر أساسي حتى تنعم شعوب المنطقة بالاستقرار والتطور، مع التأكيد على أن الشعب المغربي نفسه ليس المسؤول، بل ضحية مثل باقي شعوب المنطقة

✍️MijekMedia

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية: البوليساريو انتهجوا وسائل قانونية للمقاومة وعملوا على بناء مؤسسات دولة ديمقراطية وشاملة وكسبوا ثقة العالم.

 نشرت مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية مقالًا للكاتبة هانا راي أرمسترونج تناولت فيه السياسات التي يمكن أن تنتهجها إدارة بايدن لحل النزاع بشأن الصحراء الغربية. تستهل الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وَقَّع إعلانًا (أحادي الجانب) في ديسمبر  2020 يعترف بالسيادة المغربية على منطقة تبلغ مساحتها 100 ألف ميل مربع متنازع عليها منذ نصف قرن: الصحراء الغربية، ماضيًا بذلك في عكس اتجاه سياسة أمريكية طويلة الأمد بالتزام الحياد في المواجهة بين الحكومة المغربية، وجبهة البوليساريو، التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية. ونوَّهت الكاتبة إلى أن ترامب أيَّد مطالبة المغرب بالسيادة على الصحراء مقابل تطبيع الرباط لعلاقاتها مع إسرائيل، والانضمام إلى اتفاقات أبراهام. وتسببت هذه المقايضة في انهيار اتفاق لوقف إطلاق النار؛ مما أدَّى إلى تجدد القتال، وتزايد التوترات في المنطقة. وتلفت الكاتبة إلى أن الأمم المتحدة تحاول استئناف عملية سياسية من شأنها التغلب على المأزق الحالي، ورفضت المغرب تنفيذ استفتاء شعبي تدعمه الأمم المتحدة من شأنه أن يحدد وضع الصحراء الغربية، وبدلًا عن ذلك قدَّم المغر...

أبي بشراي البشير يؤكد " القرار الصادر عن القسم القانوني في مجلس الإتحاد الأوروبي مهم للغاية ويؤكد القراءة السليمة لقرار محكمة العدل الأوروبية

  الشهيد للحافظ ، 02 فبراير 2025 (واص) -  أكد ممثل  جبهة البوليساريو لدى سويسرا والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف, السفير أبي بشراي البشير, أن الرأي الصادر عن القسم القانوني في مجلس الاتحاد الأوروبي "مهم للغاية" لأنه يؤكد "القراءة السليمة لقرارات محكمة العدل الأوروبية الصادرة يوم 4 أكتوبر 2024 والتي تم بموجبها رفض طعون المفوضية والمجلس ضد قرار المحكمة العامة ليوم 29 سبتمبر 2021 وتأكيد قرار إلغاء الاتفاقيات بين المغرب والاتحاد الأوروبي.  وذلك - يضيف الدبلوماسي الصحراوي - بسبب شموليتها  اللاشرعية للصحراء الغربية, وهي الإقليم المتمايز والمنفصل عن المملكة المغربية, دون الحصول على موافقة الشعب الصحراوي المعني الحصري بالحق في تقرير المصير, وبالتالي السيادة على الإقليم وثرواته". وأضاف في تصريح لو" واج "  أن "هذا الرأي القانوني يعزز الانطباع الحاصل لدى الأوروبيين بتقلص هامش المناورة أمام المفوضية في محاولاتها الدائمة للقفز على قرارات العدالة الأوروبية, ويحمل رسالة واضحة إلى المفوضية بضرورة احترام تلك القرارات والالتزام بمحتواها". كما شدد الدبلوماسي ...

البرلمان البريطاني يستقبل ممثلي القضية الصحراوية لمناقشة تطورات النزاع ودور المملكة المتحدة

  شارك مارك لوتشفورد (Mark Luetchford)، ممثل منظمة Western Sahara Campaign UK، والمنظمة الخيرية البريطانية Mijek Refugees Hand، ممثلها أباهم مولود، في لقاء مع البرلماني البريطاني عن Folkestone and Romney Marsh السيد Tony Vaughan، وذلك يوم 13/07/2025 على الساعة العاشرة صباحًا في مدينة Folkestone. كان هذا اللقاء مبرمجًا منذ مدة، وتناول القضية الصحراوية وآخر تطوراتها، إلى جانب مناقشة دور المملكة المتحدة وموقفها الأخير من هذه القضية. تم التطرق إلى تطورات النزاع في الصحراء الغربية، والخلفية القانونية لوضع الإقليم في القانون الدولي، وكذلك مسار مخطط السلام الأممي-الإفريقي، وفشل الأمم المتحدة حتى الآن في إيجاد حل عادل. كما طالب الوفد من البرلماني Tony Vaughan الانضمام إلى مجموعة البرلمانيين الداعمين للقضية الصحراوية داخل البرلمان البريطاني، بالإضافة إلى طرح أسئلة رسمية داخل البرلمان بشأن القضية الصحراوية. وقد تم التأكيد له أن الشعب الصحراوي لا يطلب سوى العدالة وفقًا للقانون الدولي، وأن الشعب الصحراوي وحكومته مستعدان للتعاون الاستراتيجي مع المملكة المتحدة في مختلف المجالات. وللإشارة، ...