الدفاع الجوي الصحراوي من بين الأربع الأفضل في إفريقيا
منذ اندلاع الحرب في الصحراء الغربية منتصف السبعينيات، برز سلاح الدفاع الجوي كإحدى الركائز الأساسية التي مكّنت المقاتل الصحراوي من مواجهة آلة الحرب المغربية، التي اعتمدت على الطيران الحربي منذ الأيام الأولى للغزو. ورغم افتقاد الصحراويين في البداية لأي سلاح مضاد للطائرات، فإن العزيمة والإرادة مكّنتهم من بناء قدرات دفاع جوي أثبتت فعاليتها في قلب موازين المعارك.
البدايات الصعبة وتأسيس الدفاع الجوي
عقب القصف الجوي المغربي الوحشي على النازحين المدنيين في مخيمات أم أدريكة وأمكالة والتفاريتي والكلتة، باستخدام قنابل محرمة دولياً، أصبحت الدولة الصحراوية مضطرة للبحث عن وسيلة لمواجهة هذا التحدي. وهكذا تأسست أول دفعة دفاع جوي في نوفمبر 1975، تبعتها دفعات أخرى في ديسمبر 1977 وما بعدها.
ومع مرور الوقت، اكتسبت الوحدات خبرة متراكمة، حتى أصبح سلاح الجو للجيش الشعبي الصحراوي من بين أفضل أربع قوى جوية في إفريقيا. وقد تمكنت وحدات الدفاع الجوي من إسقاط أكثر من 81 طائرة خلال 16 سنة من المواجهة، شملت مقاتلات F5 وMirage F1، وطائرات نقل C130، وطائرات تدريب Fuga Magister، ومروحيات Puma.
أبرز عمليات الإسقاط
خلال عقد ونصف من الحرب، حقق الدفاع الجوي الصحراوي سلسلة من الإنجازات النوعية، أسفرت عن تدمير أو إسقاط ما يقارب 81 طائرة، من بينها:
• 1976: إسقاط طائرة F5A يقودها الطيار أحمد بن بوبكر بواسطة دفاع جوي صحراوي، وكذلك طائرة T6 Texan بين طرفاية وطانطان وأسر طيارها. كما أُسقطت طائرة Fuga Magister يقودها محمد بيتيش قرب العيون.
• 1977: تواصلت النجاحات مع إسقاط عدة مقاتلات F5A وطائرات Fuga Magister في بوجدور والعيون.
• 1978: شهدت المعارك سقوط أربع طائرات F5A في مناطق مختلفة مثل أم دريقة والسمارة، وأُسر العديد من الطيارين.
• 1979: تمكن الصحراويون من إسقاط طائرتين Mirage F1 قرب أباطيح والزاك، مستخدمين صواريخ سام 7المحمولة على الكتف.
• 1980 – 1981: كانت معركة كلتة زمور بمثابة مجزرة لسلاح الجو المغربي، حيث سقطت أكثر من خمس طائرات في يوم واحد. وتصاعدت الخسائر المغربية بإسقاط عدة طائرات Mirage F1، إضافة إلى إسقاط طائرة النقل C130H ومروحية SA330 Puma بكلتة زمور.
• 1991: في تيفاريتي، أُسقطت طائرة Mirage F1 يقودها النقيب يوسف المغزاري، وأُسر الطيار .
أبطال الدفاع الجوي
سطّر العديد من الرماة الصحراويين أسماءهم بأحرف من ذهب، مثل: المصطفى ولد علي، الهيبة ولد بابيت، محمد البشير نافع (المعروف باسم بندر)، بشرى ولد ميارة وغيرهم، الذين ساهموا في تحييد الطيران المغربي ومنح الوحدات الميدانية فرصة أكبر للمناورة والسيطرة القتالية.
الأثر العسكري والمعنوي
لم تقتصر نتائج الدفاع الجوي على إسقاط الطائرات فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى:
• رفع معنويات المقاتلين الصحراويين، الذين رأوا بأعينهم إمكانية مواجهة التفوق التكنولوجي المغربي.
• شل حركة الطيران المغربي ومنعه من الاستطلاع الفعّال أو توفير الإسناد للقوات البرية.
• منح الوحدات الصحراوية حرية أكبر في شن الهجمات والمناورة على الأرض.
خلاصة
أثبتت تجربة الحرب في الصحراء الغربية أن الدفاع الجوي لم يكن مجرد سلاح داعم، بل عنصراً استراتيجياً غيّر مجريات المعركة. فبفضل الإرادة والاعتماد على صواريخ محمولة مثل سام 7 وبطاريات ثقيلة مثل سام 6، تمكن المقاتل الصحراوي من تحييد إحدى أخطر أدوات الاحتلال المغربي. وهكذا أصبح الدفاع الجوي رمزاً للصمود والابتكار في حرب غير متكافئة، منح الصحراويين تفوقاً معنوياً وعسكرياً في لحظات حاسمة من مسيرتهم الكفاحية، وكان سبباً مباشراً في الهزيمة الاستراتيجية التي يعاني منها الجيش المغربي إلى حد الساعة
✍️Mijek Media
تعليقات
إرسال تعليق