عوامل تماسك الدولة الصحراوية واستمراريتها
المقدمة
تواجه الدول الناشئة عادةً تحديات بنيوية ومؤسساتية تهدد استقرارها واستمراريتها. غير أن الدولة الصحراوية شكّلت نموذجًا فريدًا في قدرتها على الصمود والبقاء متماسكة رغم ما واجهته من صعوبات داخلية وضغوط خارجية. ويعود ذلك أساسًا إلى رؤية مؤسسيها وتضحيات شهدائها، وفي مقدمتهم الشهيد الولي مصطفى السيد، الذي أرسى أسس مشروع وطني جامع يقوم على الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي.
الإشكالية
كيف تمكنت الدولة الصحراوية من تحقيق التماسك والاستمرارية رغم التحديات التي أطاحت بالعديد من الدول الأخرى، وما هي أبرز المخاطر التي قد تهدد هذا التماسك في المستقبل؟
1. رؤية الشهيد الولي في بناء الدولة
اعتمدت البنية التحتية السياسية والمؤسساتية للدولة الصحراوية على رؤية ثاقبة قوامها الوحدة الوطنية. فقد أدرك الشهيد الولي أن أول خطوة في بناء الدولة هي تجاوز الولاءات القبلية والجهوية، وجمع الشعب حول هدف مشترك هو التحرير وبناء دولة عصرية. وقد تُرجمت هذه الرؤية عمليًا في إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، الذي وحّد التصور الجمعي للصحراويين، ورسّخ الهوية الوطنية الجامعة.
2. المؤسسات الصحراوية مقابل انهيار الدول الأخرى
بينما انهارت بعض الدول في المنطقة نتيجة تأسيس مؤسساتها على أسس مناطقية أو طائفية أو قبلية، تميزت الدولة الصحراوية ببناء مؤسساتها على قاعدة شعبية شاملة. فقد أُتيحت فرص التعليم والتكوين والتأطير لجميع أبناء الشعب الصحراوي دون تمييز، مما عزز الانتماء الوطني، ورسّخ ثقافة الفخر والاعتزاز بالدولة. هذا النموذج منح مؤسسات الدولة الصحراوية حصانة داخلية ضد الانقسامات التي عصفت بدول أخرى.
3. التحديات الاستراتيجية التي تواجه الدولة الصحراوية
رغم قوة الأسس الوطنية، تواجه الدولة الصحراوية جملة من المخاطر التي تستدعي الحذر واليقظة، ومن أهمها:
• ضعف الاهتمام بالمؤسسات التربوية والتعليمية: التعليم هو الركيزة الأساسية التي أنتجت جيلًا مثقفًا وواعيًا قادرًا على التصدي للمؤامرات والدسائس. إهمال هذا القطاع قد يؤدي إلى إضعاف أهم عناصر صمود الدولة.
• احتكار المؤسسات، خاصة الأمنية: إن سيطرة أفراد أو قبائل بعينها على بعض المؤسسات قد يؤدي إلى تحويل الولاء من الدولة إلى الولاء القبلي، وهو ما يشكل خطرًا مباشرًا على الوحدة الوطنية.
لقد استطاعت الدولة الصحراوية أن تثبت وجودها وتحافظ على تماسكها بفضل الرؤية الوحدوية لمؤسسيها وإصرار شعبها على مواصلة الكفاح. غير أن استمرارية هذا النموذج تظل مرهونة بالتركيز على التربية والتعليم كركيزة لصناعة الوعي الوطني، وضمان بناء مؤسسات قائمة على تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية. بذلك يمكن للدولة الصحراوية أن تظل نموذجًا فريدًا للوحدة والصمود في وجه التحديات الداخلية والخارجية
✍️MijekMedia
تعليقات
إرسال تعليق