القائد التنفيذي والقائد الملهم: تصنيف جوهري في علم القيادة
تُعد القيادة أحد أهم العوامل المؤثرة في نجاح الشعوب وحركات التحرر. ومع تطور الفكر الإداري والسياسي، صنّف الباحثون القادة وفقًا لأسلوبهم في ممارسة السلطة واتخاذ القرار. ومن أبرز هذه التصنيفات: القائد التنفيذي (الموظف) مقابل القائد الملهم ذو الرؤية الاستراتيجية.
أولًا: القائد التنفيذي (القائد كموظف)
هذا النوع من القادة يُركز على الجانب التشغيلي والإداري اليومي.
• السمات الأساسية:
• الانضباط والالتزام بالقوانين والأنظمة.
• الاهتمام بالتفاصيل والإجراءات.
• الحرص على إنجاز المهام بكفاءة.
• الميل إلى الاستقرار وتجنب المخاطرة.
• دور هذا القائد:
أشبه بمدير ينفّذ التعليمات، يحافظ على النظام، ويضمن استمرار العمل.
• المزايا: يوفّر الاستقرار والالتزام بالمعايير.
• القيود: يفتقر عادةً إلى الجرأة في اتخاذ قرارات استراتيجية، وقد يعجز عن قيادة التغيير.
ثانيًا: القائد الملهم ذو الرؤية الاستراتيجية
هذا النوع من القادة يتجاوز حدود الإدارة إلى رسم صورة مستقبلية لشعبه أو منظمته، ويقود الآخرين بالإيمان والإرادة.
• السمات الأساسية:
• القدرة على الإلهام والتحفيز.
• صياغة رؤية بعيدة المدى.
• الجرأة في اتخاذ القرارات المصيرية.
• المرونة في مواجهة التحديات والأزمات.
• دور هذا القائد: ينير الطريق ويمنح الأمل، ويجعل الجماعة تؤمن بقدرتها على بلوغ أهداف عظيمة.
• المزايا: يحرّك الطاقات الكامنة، ويُحدث نقلة نوعية.
• القيود: قد يواجه صعوبات في التنفيذ إذا لم يُحسن الموازنة بين الرؤية والتفاصيل.
بين النظرية والتطبيق في القضية الصحراوية
في مسار كفاح الشعب الصحراوي، يُعتبر القائد والشهيد الولي مصطفى السيد نموذجًا واضحًا للقائد الملهم صاحب الرؤية الاستراتيجية.
• لم يكتفِ بإدارة شؤون يومية أو تسيير تنظيمي، بل طرح مشروعًا تحرريًا شاملًا يقوم على تحرير الأرض وبناء مؤسسات الدولة الصحراوية.
• بخطاباته وأفعاله، ألهم جيلًا كاملًا من المناضلين، ورسّخ فكرة أن النصر ممكن بالإرادة والصمود.
• جرأته في اتخاذ القرارات المصيرية، مثل خوض الكفاح المسلح، وإعلان قيام الدولة الصحراوية، وشن هجوم على العاصمة الموريتانية من أجل إخراج موريتانيا من الصراع، ثم استشهاده في تلك المعركة، رسّخت كل صفات الشجاعة والإقدام والتضحية، وجعلته رمزًا خالدًا في ذاكرة الأجيال القادمة. لقد جسّد صفات القائد الذي لا يكتفي بالروتين، بل يقود التغيير.
وعلى النقيض، يظهر بوضوح أن الاقتصار على القيادة التنفيذية وحدها لا يكفي في معارك التحرر؛ لأن الشعوب تحتاج إلى إلهام ورؤية قبل حاجتها إلى إدارة روتينية.
إن القضية الصحراوية تقدم مثالًا حيًا على أن الفارق بين القائد التنفيذي والقائد الملهم ليس مجرد تصنيف أكاديمي، بل هو مسألة حياة أو موت لمصير شعب بأكمله. فبينما يضمن القائد التنفيذي الاستقرار، فإن القائد الملهم — مثل الولي مصطفى السيد — هو من يصنع التاريخ، ويقود الجماعة نحو التحرر وتحقيق الأهداف الكبرى، ويرسم الاستراتيجية، ويُعبّد الطريق بدمه
✍️MijekMedia
تعليقات
إرسال تعليق