التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كيف خدع “المخزن” المغاربة بدستور 2011 والحزب الإسلامي؟


 كيف خدع “المخزن” المغاربة بدستور 2011 والحزب الإسلامي؟


مقدمة


عند الحديث عن ما يُعرف بـ”الاستثناء المغربي” في سياق الربيع العربي، يبرز تساؤل جوهري:

هل حقًا نجا المغرب من موجة التغيير بفعل “حكمة النظام”؟ أم أن ما حدث لم يكن سوى خدعة سياسية مُحكمة هدفها امتصاص الغضب الشعبي وإعادة إنتاج نفس البنية السلطوية بواجهة جديدة؟

هذا السؤال يطرح نفسه بقوة عند النظر إلى مسار الأحداث بعد احتجاجات 20 فبراير 2011، مرورًا بصعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، وانتهاءً بإقصائه بطريقة مدروسة أعادت ترتيب المشهد وفق ما يخدم مراكز القرار الحقيقية.


كديم إزيك: الشرارة التي تجاهلها العالم


خلافًا لما يُروَّج، فإن شرارة الربيع العربي لم تندلع من تونس، بل بدأت في مخيم كديم إزيك بالصحراء الغربية في أكتوبر 2010، حيث خرج الآلاف من الصحراويين للمطالبة بالكرامة الاجتماعية والعدالة الاقتصادية.


وقد أكّد المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي أن ما جرى في كديم إزيك كان أول تمرّد شعبي ضد الاستبداد في المنطقة، وسبق سقوط نظام بن علي. لكن وسائل الإعلام الدولية والعربية تجاهلت الحدث، ربما بسبب حساسية ملف الصحراء الغربية سياسيًا.


الوهم الإصلاحي: استباق العاصفة بعروض شكلية


في الوقت الذي كانت فيه أنظمة عربية كبرى تتهاوى تحت ضغط الشارع، سارع النظام المغربي إلى تقديم تنازلات محسوبة، عبر الإعلان عن دستور جديد في مارس 2011.


الدستور تم الترويج له كـ”ثورة دستورية”، وجرى تصويره باعتباره انتقالًا نحو ملكية برلمانية. لكن الواقع سرعان ما كشف أن التعديلات كانت شكلية، وأن جوهر السلطة لا يزال متركزًا في يد الملك والمؤسسات التابعة له، دون أي توازن حقيقي بين السلطات.


حزب العدالة والتنمية: وظيفة مؤقتة لخداع المرحلة


في سياق الإيقاع الإقليمي، فُتح المجال أمام حزب العدالة والتنمية بمرجعيته الإسلامية، ليقود الحكومة من خلال صناديق الاقتراع، تماشياً مع موجة الإسلام السياسي في مصر (الإخوان)، وتونس (النهضة)، وتركيا (العدالة والتنمية).


لكن وظيفته كانت واضحة: امتصاص الاحتقان الشعبي واحتواء حركة 20 فبراير، التي جرى تفكيكها وتهميشها تدريجيًا.

وخلال فترة حكمه، نفّذ الحزب سياسات لا شعبية، منها رفع الدعم، وتجميد التوظيف، ووقع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل.


وبعد استنفاد دوره، تم إبعاده بطريقة مذلّة في انتخابات 2021، ليعود التحكم المطلق إلى الدوائر التقليدية للسلطة.


“المخزن”: سلطة بوليسية ناعمة تُعيد إنتاج الاستثناء


ما يُسمى بـ”الاستثناء المغربي” لم يكن نتيجة إصلاح حقيقي، بل كان انعكاسًا لبنية اجتماعية وسياسية مدجَّنة، تقوم على:

الخوف العميق من “المخزن”

ارتفاع الأمية والفقر

إعلام موجّه ومراقَب

محدودية الوعي السياسي لدى قطاعات واسعة من المجتمع


وقد استفاد النظام من دروس التاريخ: الملكيات التي احتوت مطالب شعوبها مبكرًا بقيت، أما تلك التي قاومت، فكان مصيرها السقوط.


وهم الاستقرار وثمن الخداع


لقد نجح النظام المغربي في خلق استقرار شكلي، لكنه هشّ في العمق.

الدستور لم يغير شيئًا في توازن السلطة، والحزب الإسلامي كان مجرد واجهة مؤقتة سرعان ما تم التخلي عنها.

أما “الاستثناء المغربي”، فكان إخراجًا ماهرًا لثورة ناعمة تم قتلها دون رصاص.


لكن الحقيقة التاريخية تؤكد أن الأنظمة الاستبدادية المبنية على القمع، وتدجين الوعي، وإفقار الشعوب، لا يمكن أن تدوم.

فمن أمريكا اللاتينية إلى أوروبا الشرقية، تبرهن التجربة أن الظلم قد يطول، لكنه لا يدوم، وأن المجتمعات مهما طال صبرها، لا تقبل العيش تحت الوصاية إلى الأبد✍️Mijek Media

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية: البوليساريو انتهجوا وسائل قانونية للمقاومة وعملوا على بناء مؤسسات دولة ديمقراطية وشاملة وكسبوا ثقة العالم.

 نشرت مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية مقالًا للكاتبة هانا راي أرمسترونج تناولت فيه السياسات التي يمكن أن تنتهجها إدارة بايدن لحل النزاع بشأن الصحراء الغربية. تستهل الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وَقَّع إعلانًا (أحادي الجانب) في ديسمبر  2020 يعترف بالسيادة المغربية على منطقة تبلغ مساحتها 100 ألف ميل مربع متنازع عليها منذ نصف قرن: الصحراء الغربية، ماضيًا بذلك في عكس اتجاه سياسة أمريكية طويلة الأمد بالتزام الحياد في المواجهة بين الحكومة المغربية، وجبهة البوليساريو، التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية. ونوَّهت الكاتبة إلى أن ترامب أيَّد مطالبة المغرب بالسيادة على الصحراء مقابل تطبيع الرباط لعلاقاتها مع إسرائيل، والانضمام إلى اتفاقات أبراهام. وتسببت هذه المقايضة في انهيار اتفاق لوقف إطلاق النار؛ مما أدَّى إلى تجدد القتال، وتزايد التوترات في المنطقة. وتلفت الكاتبة إلى أن الأمم المتحدة تحاول استئناف عملية سياسية من شأنها التغلب على المأزق الحالي، ورفضت المغرب تنفيذ استفتاء شعبي تدعمه الأمم المتحدة من شأنه أن يحدد وضع الصحراء الغربية، وبدلًا عن ذلك قدَّم المغر...

أبي بشراي البشير يؤكد " القرار الصادر عن القسم القانوني في مجلس الإتحاد الأوروبي مهم للغاية ويؤكد القراءة السليمة لقرار محكمة العدل الأوروبية

  الشهيد للحافظ ، 02 فبراير 2025 (واص) -  أكد ممثل  جبهة البوليساريو لدى سويسرا والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف, السفير أبي بشراي البشير, أن الرأي الصادر عن القسم القانوني في مجلس الاتحاد الأوروبي "مهم للغاية" لأنه يؤكد "القراءة السليمة لقرارات محكمة العدل الأوروبية الصادرة يوم 4 أكتوبر 2024 والتي تم بموجبها رفض طعون المفوضية والمجلس ضد قرار المحكمة العامة ليوم 29 سبتمبر 2021 وتأكيد قرار إلغاء الاتفاقيات بين المغرب والاتحاد الأوروبي.  وذلك - يضيف الدبلوماسي الصحراوي - بسبب شموليتها  اللاشرعية للصحراء الغربية, وهي الإقليم المتمايز والمنفصل عن المملكة المغربية, دون الحصول على موافقة الشعب الصحراوي المعني الحصري بالحق في تقرير المصير, وبالتالي السيادة على الإقليم وثرواته". وأضاف في تصريح لو" واج "  أن "هذا الرأي القانوني يعزز الانطباع الحاصل لدى الأوروبيين بتقلص هامش المناورة أمام المفوضية في محاولاتها الدائمة للقفز على قرارات العدالة الأوروبية, ويحمل رسالة واضحة إلى المفوضية بضرورة احترام تلك القرارات والالتزام بمحتواها". كما شدد الدبلوماسي ...

البرلمان البريطاني يستقبل ممثلي القضية الصحراوية لمناقشة تطورات النزاع ودور المملكة المتحدة

  شارك مارك لوتشفورد (Mark Luetchford)، ممثل منظمة Western Sahara Campaign UK، والمنظمة الخيرية البريطانية Mijek Refugees Hand، ممثلها أباهم مولود، في لقاء مع البرلماني البريطاني عن Folkestone and Romney Marsh السيد Tony Vaughan، وذلك يوم 13/07/2025 على الساعة العاشرة صباحًا في مدينة Folkestone. كان هذا اللقاء مبرمجًا منذ مدة، وتناول القضية الصحراوية وآخر تطوراتها، إلى جانب مناقشة دور المملكة المتحدة وموقفها الأخير من هذه القضية. تم التطرق إلى تطورات النزاع في الصحراء الغربية، والخلفية القانونية لوضع الإقليم في القانون الدولي، وكذلك مسار مخطط السلام الأممي-الإفريقي، وفشل الأمم المتحدة حتى الآن في إيجاد حل عادل. كما طالب الوفد من البرلماني Tony Vaughan الانضمام إلى مجموعة البرلمانيين الداعمين للقضية الصحراوية داخل البرلمان البريطاني، بالإضافة إلى طرح أسئلة رسمية داخل البرلمان بشأن القضية الصحراوية. وقد تم التأكيد له أن الشعب الصحراوي لا يطلب سوى العدالة وفقًا للقانون الدولي، وأن الشعب الصحراوي وحكومته مستعدان للتعاون الاستراتيجي مع المملكة المتحدة في مختلف المجالات. وللإشارة، ...