الاستيطان في المناطق المحتلة: أداة للإبادة الناعمة ضد الشعب الصحراوي
يُعدّ الاستيطان في الأراضي المحتلة أحد أخطر أشكال الإبادة الناعمة، إذ يستهدف بقاء الشعب الصحراوي وطمس هويته. وقد كانت فكرة “المسيرة الخضراء” من ابتكار وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، الذي صاغها كأداة غزو ديموغرافي، تهدف إلى إغراق الصحراء الغربية بمئات الآلاف من المغاربة. ووفق الإحصاء الإسباني لعام 1975، لم يتجاوز عدد الصحراويين آنذاك 75 ألف نسمة، ما جعل هذا المخطط وسيلة فعّالة لابتلاع النسيج الديموغرافي الصحراوي، ومسخ ملامحه الثقافية والاجتماعية الفريدة.
انبثقت الفكرة في ظرف دولي بالغ الحساسية، مع انسحاب إسبانيا من الإقليم، وتواطؤ الغرب، وتحالف أنظمة الخليج التي صنعها، مع الاحتلال المغربي. هذه البيئة وفّرت الغطاء الكامل لارتكاب جريمة الغزو تحت ستار المسيرة.
ورغم تعثّر المسيرة في بداياتها، بسبب عجز النظام المغربي زمن الحرب عن توفير البنية السكنية للمستوطنين، إلا أن الاحتلال استغل مرحلة السلم، خاصة مع انطلاق مخطط التسوية، لإعادة تفعيل مشروعه الاستيطاني بوتيرة تدريجية ومدروسة. وبذلك، حاول المغرب أن يحقق عبر الاستيطان ما فشلت قواته المسلحة في تحقيقه على أرض المعركة: إبادة جماعية للشعب الصحراوي، بأسلوب بطيء وهادئ، ودون تكاليف تُذكر.
ويكمن الفرق الجوهري بين الاستعمار الإسباني والاحتلال المغربي في طبيعة الأهداف؛ فإسبانيا جاءت طمعًا في الثروات الطبيعية، بينما ينطلق الاحتلال المغربي من عقيدة تعتبر كل صحراوي خطرًا استراتيجيًا على وجوده يجب التخلص منه، في نهج يتطابق مع العقلية الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني.
إن احتلال المغرب للصحراء الغربية لا بد أن يزول، فالتاريخ علّمنا أن الشعوب لا تموت، وأن الحق لا يضيع ما دام وراءه مطالب. بريطانيا احتلت أيرلندا أكثر من سبعة قرون، وفرضت كل أشكال القمع والطمس، لكن إرادة الشعب الأيرلندي انتصرت. فكيف يُتصوّر أن يُمحى حق شعب بأكمله مثل الشعب الصحراوي؟ إن نهاية الاحتلال المغربي ليست مسألة احتمال، بل يقين بالصبر والبندقية والإصرار، وكل البوادر تشي بذلك
✍️MijekMedia
تعليقات
إرسال تعليق