الجزائرالآن _يبدو أنّ حالة الجدل التي خلّفها انقلاب رئيس الحكومة الإسبانية على الموقف التاريخي لبلاده في قضية الصحراء الغربية لن تتوقف قريبا، خاصة مع تزايد الأصوات المعارضة لبيدرو سانتشيز واتساع رقعة الاحتجاج إلى الشارع، حيث خرج المئات يوم السبت للتنديد بما جاء في رسالة رئيس الحكومة إلى الملك المغربي، ورغم أنّ هناك شبه إجماع داخل إسبانيا على رفض هذا التحول في موقف مدريد من القضية الصحراوية، إلا أنّ السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، ماذا جناه أو ماذا سيجني سانتشيز؟ ولماذا فتح كل هذه الأبواب ضده وضد حكومته؟
لحد الساعة وباستثناء الصمت المغربي على زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى مدينتي سبتة ومليلية على عكس العادة، فلا بوادر فوائد لهذا الانقلاب، فالرجل أي سانتشيز وضع نفسه أمام رياح عاتية قد تزيحه من مقعده، خاصة أنّ الكثل الممثلة في البرلمان الإسباني المعارضة للتحول المفاجئ في الموقف من الصراع المغربي الصحراوي قامت بتقديم مقترح مشروع يجبر الحكومة المركزية على التراجع عن قرارها المتعلق بالحكم الذاتي والعودة إلى الشرعية الأممية المبني على ضرورة تنظيم استفتاء حول تقرير المصير في الصحراء الغربية، ومن المنتظر برمجة المشروع للمناقشة يوم الجمعة القادم الفاتح من شهر أفريل، وتشير كل المعطيات إلى إمكانية تبني هذا المشروع من طرف أعضاء البرلمان، خاصة أنّ المشروع سيلقى دعما واضحا من أحزاب المعارضة وكذلك من طرف أهم حزب سياسي في إسباني وهو شريك في السلطة ونقصد به حزب “بوديموس”، الذي يعتبر من أهم الداعمين لمقترح الاستفتاء في الصحراء الغربية، ولهذا فإنّ سانتشيز سيكون مطالبا بالتراجع عن موقفه ودعم استفتاء تقرير المصير الذي تطالب به هيئة الأمم المتحدة، وحتى جبهة البوليساريو التي تعتبر الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي والتي تلقى الدعم من طرف العشرات من الدول في القارات الخمس، ويعتبر الشعب الإسباني من أكثر الداعمين لكفاح الصحراويين في صراعهم ضد المحتل المغربي، هذه المعطيات تجعل من المستبعد رفض مشروع القرار المقترح على البرلمان، ويذهب مراقبون إلى التأكيد على أنّ الأمور قد تكون أسوأ على حكومة سانتشيز وحزبه الاشتراكي، إذا ما فكر حزب “بوديموس” الانسحاب من الحكومة احتجاجا على قرار بيدرو سانتشيز، الذي ما يعاب عليه، بالإضافة إلى انقلابه على موقف تاريخي تبنته المملكة الإسبانية، فإنّه اتخذ قرارا انفراديا دون أن يراعي موقف شركائه في السلطة، وفي حال انسحاب حزب “بوديموس” الذي لديه نائب لرئيس الحكومة وعدد من الوزراء، فهذا يعني بالتأكيد سقوط حكومة بيدرو سانتسيز.
إذا كانت هذه أبرز التوقعات المنتظرة للخروج من الأزمة التي وضع فيها سانتشيز بلاده، فإنّ هناك من ينتظر بعض المفاجآت التي قد يأتي بها رئيس الحكومة، فهو لن يكون بكل هذا الغباء حتى يخسر الحكومة وبعضا من مصالح بلاده مقابل جملة من سطرين في رسالة كتبها لملك المغرب، ويرى بعض المدافعين عن سانتشيز أنّ هناك فوائد غير ظاهرة حاليا قد تجعل أغلب البرلمانيين والسياسيين في إسبانيا ينظمون إلى موقف رئيس الحكومة، ولعل من أبرز الفوائد هو إعلان المغرب تنازلها عن سبتة ومليلية، واتخاذ إجراءات صارمة لتوقيف الهجرة التي تعتبر نقطة ضغط يمارسها المخزن ضد الإسبان في كل مرة، وقد ظهرت ملامح هذه الفائدة خلال الزيارة الأخيرة لسانتشيز لمنطقتي سبتة ومليلية، حيث لأول مرة يزور مسؤول إسباني كبير المنطقتين دون أي اعتراض مغربي، ما يوحي بأنّ شيئا ما طُبخ بين الطرفين، ولكن هل يقبل الشعب المغربي بذلك، حتى ولو طأطأ الملك رأسه؟ وهل ستسكت الجزائر التي تعتبر الممول الرئيسي لإسبانيا بالغاز الطبيعي الذي يعتبر بقيمة الهواء الذي تتنفسه مدريد في هذه الظروف التي يعرفها العالم؟ هذه أيضا تساؤلات يطرحها من يرون أنّ لا مخرج لبيدرو سانتشيز وحكومته إلّا التراجع عن “الانقلاب” والعودة إلى الموقف التاريخي لإسباني وتأييد مقترح استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، وبهذا بإمكان “بيدرو” الحفاظ على حكومته، وإعادة المملكة
تعليقات
إرسال تعليق