يحرص الاحتلال المغربي، خلال السنوات الأخيرة، على تقديم نفسه كسلطة منفتحة تسمح بوجود “هامش من الحريات” في المناطق الصحراوية المحتلة. وترافق هذا الخطاب مع دعم بعض الوجوه والمجموعات التي تُعرف بـ“العائدين”، والتي غادرت القناعة بجدوى الحسم التحرري في مرحلة معينة ثم عادت اليوم إلى الاعتراف بأن الاحتلال يبقى احتلالاً مهما تعددت صوره.
غير أن المشكلة لا تكمن في هذه المجموعات فحسب، بل في الدور الذي تُدفع إليه داخل استراتيجية مغربية واضحة هدفها الأساسي الترويج لمقترح الحكم الذاتي كحل بديل عن الحق المشروع وغير القابل للتصرف للشعب الصحراوي في الاستقلال وتقرير المصير.
هامش مُقيّد… يخدم غاية واحدة
ما يسميه الاحتلال “هامش الحريات” لا يتجاوز كونه مساحة مراقبة ومنضبطة، مُحاطة بخطوط حمراء لا يُسمح بتجاوزها:
• ممنوع الحديث عن الاستقلال،
• ممنوع وصف الاحتلال باحتلال
• ممنوع رفع علم الجمهورية الصحراوية
.ممنوع الحديث عن الحرب و الأعمال القتالية للجيش الشعبي الصحراوي
.يسمح الاحتلال فقط بما يخدم صورة “الانفتاح”، بينما يتم سحق أي صوت يخرج عن السقف المرسوم. والهدف من ذلك هو تهيئة البيئة النفسية والسياسية لقبول مشروع الحكم الذاتي باعتباره أكثر الحلول “واقعية”.
تضليل المجتمع الدولي وتطبيع الاحتلال
من خلال هذا الهامش الشكلي، يسعى الاحتلال إلى إرسال رسائل للخارج مفادها أن الوضع في الصحراء الغربية “مستقر”، وأن الصحراويين قادرون على التعبير داخل المغرب. وفي الحقيقة، هذه محاولة واضحة لتشويه طبيعة الصراع وطمس جوهره، وتحويله من قضية تصفية استعمار إلى نزاع داخلي مزعوم حول صلاحيات سياسية.
استعمال بعض الأفراد كواجهة
تظهر بين الحين والآخر بعض الأصوات التي تدافع عن الطرح المغربي، وتنتقد الاستقلال، وتسوّق لفكرة أن الصحراويين قادرون على الدفاع عن حقوقهم تحت السيادة المغربية. هذه الأصوات، مهما حاولت، تبقى خارج الإرادة الوطنية الجماعية، ولا تمثل إلا نفسها أو امتيازاتها.
وهي تُستغل لتقديم الحكم الذاتي كخيار “معتدل”، مقابل تصوير الاستقلال على أنه “مطالب غير واقعية”.
النضال السلمي… خطاب للاستهلاك الداخلي
يُقدّم الاحتلال خطاب “النضال السلمي داخل المغرب” بوصفه الطريق الوحيد للتعبير. وفي الواقع، هو خدعة استراتيجيةتهدف إلى:
• استنزاف المقاومة الشعبية،
• إعادة تشكيل الوعي السياسي للأجيال الجديدة،
• تحويل القضية إلى مطالب اجتماعية قابلة للامتصاص،
• وإظهار الحكم الذاتي كأفق سياسي نهائي.
إن كل ما يروّجه الاحتلال من “هامش الحريات” ليس سوى واجهة مؤقتة تُستخدم لغاية واحدة:
جعل مشروع الحكم الذاتي يبدو الحل الطبيعي والواقعي، في حين أنه محاولة للالتفاف على حق الشعب الصحراوي في الاستقلال التام.
فالحريات لا تُمنح تحت الاحتلال، ولا تُمارس داخل منظومة قمعية، ولا يمكن استخدامها لتبرير حل يناقض جوهر القضية الوطنية.
وستظل إرادة الشعب الصحراوي واضحة: الاستقلال هو الحل، وما سواه ليس إلا محاولة لإطالة عمر الاحتلال✍️
MijekMedia

تعليقات
إرسال تعليق